حكم أخذ الزوج راتب زوجته
زوجتي كانت تعمل بالمملكة قبل أن أتزوجها، وبعد الزواج حضرت معها إلى المملكة بصفة مرافق لها بدلاً من أخيها، والآن تريد زوجتي أن تستقل براتبها على أن أعمل وأتحمل مصروفات البيت، في حين أنها تستثمر وقت البيت في العمل وتحصل على راتب، كما أنها ترفض البقاء في البيت بحجة أنها كانت تعمل قبل الزواج، فما هو حكم الإسلام في ذلك، وهل هذا الراتب التي تحصل عليه يخصها فقط، أم للزوج حق فيه؟
عليكما أن تصطلحا وأن تتركا النزاع فإذا اصطلحتما فلا بأس، يقول الله جل وعلا أولاً: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً) ولاسيما بين الزوجين، فالصلح بينهما مطلوب فينبغي للمؤمن أن يحرص على الصلح مع زوجته وعدم النزاع حتى لا يسبب ذلك الطلاق والفراق والأصل أن راتبها لها، المرأة راتبها لها وراتبه له، كل له ما كسب لكن إذا سمحت أن تعطي زوجها نصف الراتب أو ربع الراتب أو ثلث الراتب أو جميع الراتب فلا بأس، الحق لها، وعلى الزوج أن يقوم بالبيت ونفقات البيت وإذا كانت شرطت عليه أنها تقوم بالتعليم أو العمل الآخر الذي تعمله قبل الزواج، شرطت عليه أنه يمكنها من ذلك فالمسلمون على شروطهم أما إن كانت لم تشرط ذلك فله المنع له أن يمنعها من الذهاب للتدريس وغير التدريس وأن تبقى في بيته وعليه أن ينفق عليها حاجاتها كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ولَهُن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) لكن الصلح بين الزوج والزوجة في أمور النزاع بينهما يكون أمراً مطلوباً فالصلح بينكما أيها السائل من أحسن ما يكون حتى تبقى المودة وتبقى المحبة وتبقى العشرة وينبغي لكل واحد منكما أن يتسامح وأن لا يشدد فأنت ترضى بما تيسر وهي تسمح بما تيسر حتى لا يكون بينكما الفراق، نسأل الله للجميع الهداية.
أنا امرأة متزوجة، وأعمل في مجال التدريس، وزوجي لا يسمح لي بالتصرف في راتبي، بل يأخذ منه الشيء الكثير، وقد يقترض ولا يرد القرض، وأنا لست راضية بهذا، ولا يسمح لي بأن أعطي والدي ووالدتي، ولا يسمح لي بشراء الملابس، وهو الذي يختار ما ألبسه، مع العلم أني حريصة على الملابس الشرعية، وسؤالي: هل يحق للزوج أخذ راتب زوجته؟ وجزاكم الله خيراً.
وعنهُ أجاب الشيخ مختار الشنقيطي
أوصي هذا الزوج وكل زوج أن يتقي الله جل جلاله، أوصي الزوج أن يتقي الله في زوجته، والزوجة أن تتقي الله في زوجها، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني أحرج حق الضعيفين: المرأة، واليتيم) قرنها باليتيم؛ لأنها إذا اشتكت قد لا تجد من تشتكي إليه إلا الله جل جلاله، ويتخلى عنها أبوها وأخوها وابنها وقرابتها، فلا تجد إلا الله: وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا
ظلم النساء لا خير فيه، ظلمهن بالأقوال، وظلمهن بالأفعال، وظلمهن في الحقوق لا خير فيه، ولذلك ذكر الله المرأة وهي تشتكي إليه، فأخبر أنه سمع شكواها من فوق سبع سماوات، لما جادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتكت إليه، وبثت إليه حزنها، وتقول: إلى الله أشتكي ثعلبة . فصعدت هذه الشكوى إلى الله جل جلاله منتهى كل شكوى، ولذلك بالتجربة: قل أن تجد إنساناً يظلم أزواجه ويسيء إليهن إلا عاقبه الله جل جلاله؛ ورأيت في الدنيا عاجل ما يكون من حاله، إلا أن يتقي الله ويغير ما به. ولذلك: ينبغي على المسلم أن يتقي الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالنساء وهو في حجة الوداع، وجعل وصية النساء في هذا اليوم المشهود العظيم، قال العلماء: لكي ينص ويبين على حقوقهن، وأنه ينبغي الوفاء بها وردها إليهن؛ لضعفهن في الغالب؛ وعجزهن عن المطالبة حتى عند الخصومة. المرأة إذا ظلمتها أو ظلمت وأرادت أن تخاصمك أو تقف في وجهك لا تستطيع، لربما تقول الكلمة والكلمتين ويغلبها البكاء، ولربما تقول الكلمة والكلمتين فيغلبها الخوف والرهبة.. فاتق الله جل جلاله! أمانة في عنقك، إما إلى جنة وإما إلى نار، أحسنوا إليهن، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من ضرب النساء وقال: (ما أولئك بخياركم) . شاع عند كثير من الناس -إلا من رحم الله- في هذا الزمان التسلط على النساء، بالأذية لهن، والقهر لهن، والتضييق عليهن دون خوف من الله جل جلاله، ودون استشعار لنقمة الله العاجلة والآجلة، فالله الله! في النساء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهن خيراً، صحيح أنهن ضعيفات وقد يكون منهن التقصير، ويكون منك كما يكون منها، ولكن الإنسان يغفر السيئة بالحسنة، ومن منا كمل؟! ولعلك ترحم هذه المسكينة فيرحمك الله جل جلاله. ووالله لقد عهدت علماء وفضلاء وأتقياء صلحاء تنازلوا عن كثير من الحقوق للنساء؛ فوجدت أحوالهم على خير ما يكون عليه الحال، لأن من رحم يرحمه الله، ومن وسع على أقرب الناس إليه وسع الله عليه في الدنيا والآخرة. هذه وصية مهمة: التوسيع على الأهل، وإذا دخلت إلى بيتك دخلت حليماً رحيماً رفيقاً رقيقاً، خاصة الشباب الملتزمون بدين الله، فإنهم قدوة، ولربما يكون هو وحده من بين الأخوة كلهم ملتزماً بدين الله، والبقية على فجور أو على عصيان، فينظرون إليه أنه قدوة. فالله الله! في أذيتهن والتضييق عليهن، خاصة إذا رأيتها أمة تخاف الله جل جلاله.
احمد الله سبحانه وتعالى إذا رزقك امرأة صالحة، اقدرها قدرها، فكم من نساء يتقلبن في الفتن وأهلكن أزواجهن وضيقن عليهم في الفتنة الحرام، وهذه الولية المؤمنة الأمة الصالحة اشكر منها صلاحها، في هذا الزمان تجدها بين أربع أركان بيتها، لا تستطيع أن تخرج، لا تطالبك بخروج ولا تبرج ولا فتنة، ولا تطالبك بشيء يفتنها عن دينها؛ فاشكر منها ذلك، ولو رأيت منها زلة فليتسع صدرك، ولتكن ذلك الرجل، لأن الله فضلك بالصبر والحلم والرحمة تسعها بحنانك، وعطفك وإحسانك.
كان بعض الأخيار -أعرفه- تؤذيه زوجته، فكنت أقول له: لم تصبر؟!
فقال: والله إن أباها قد أكرمني، وإنها رضيت بي زوجاً، وإني أرى فيها الخير، وقد أجللت هذه الثلاث، وأرجو من الله ألا أردها إلى بيتها يوماً من الأيام تشتكي مني أو أشتكي منها.
الوفي كريم، ولعلك أن تصبر اليوم فيخرج الله منها ذرية صالحة.. فاصبر!
وقد ذكر عن ابن أبي زيد القيرواني ، ذلك الإمام الذي قال عنه النسائي : كان ثقة، وكانوا يقولون له: مالك الأصغر في صلاحه وديانته، كانت امرأته تسبه حتى أمام طلابه وأمام خاصته، ومع ذلك يصبر. قالوا له: لم تصبر؟! قال: إن الله سلطها علي بالذنب، وأخشى أنني لو طلقتها أبدلني الله شراً منها.
فلذلك ما رأيت منها من هذه الإساءة فبذنبك، وكن حليماً رحيماً؛ فإن الله يرحمك. أنت قادر أن تطلق وأن تنتقم وتأخذ حقك بالقوة؛ ولكن تحلم فيحلم الله عليك، وترحم فيرحمك الله. وصية: أن نتقي الله، وكذلك يوصي الشباب الأخيار بعضهم بعضاً بالصالحات، النساء الصالحات في هذا الزمان لهن فضل كبير، والله! إن المرأة الصالحة في هذا الزمان درة ثمينة، ينبغي أن نعينهن على الالتزام بالتوسعة عليهن والرحمة بهن والإحسان إليهن. نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لذلك، وأن يرحمنا برحمته. والله تعالى أعلم.
أما بالنسبة للسؤال:
فإن الزوج ظالم، والمال مال المرأة، حقها وعناؤها وكدها وشقاؤها هو حق من حقوقها، ليس من حقه أن يطالبها بهذا الراتب، وليس من حقه أن ينتزعه منها، ولقد ظلم وفجر، وبلغ من ظلمه وفجوره أن يحرمها من بر والديها -نسأل الله السلامة والعافية-! فقد ظلمها في مالها، ولا يحل له من مالها إلا ما طابت به نفسها، أما إذا لم تطب نفسها بشيء فإياك إياك! ومالها وحقها.
ولذلك: يعتبر ظالماً من وجهين: لأخذه من مالها بدون حق، ويلزمه في التوبة أن يرد المال إليها كاملاً، وأن يتوب إلى الله مما بدر منه.
وأما الأمر الثاني:
فإنه يستغفر الله من العقوق الذي أمرها به. وانظروا إلى الشقاء! الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ
نسأل الله السلامة والعافية، فقد يكون عاقاً ويأمر زوجته بالعقوق. وأنا أطيل في هذه المسألة وأركز عليها -ولو تأخرنا- والله لأهميتها، فكم من بيوت هدمت، ولقد سمعت من بعض الشكاوى حتى من الصالحات يشتكين الصالحين، بعض الشباب فيه خير، وقد يلتزم على ذكر وعلى طاعة وبر، ولكنه يسيء التعامل، وقد تجد المرأة عنده السنة والسنتين لم يدخل السرور عليها يوماً من الأيام. يأتي لكي يدقق في كل صغيرة وكبيرة، ناسياً فضلها واستقامتها، المرأة بشر.. المرأة ضعيفة.. بين هذه الجدران الأربعة، تصور لو أنك سجنت بين هذه الأربعة الجدران يوماً كاملاً لضاقت عليك الدنيا، أنت تخرج هنا وهناك تبدد همومك وأحزانك، ولكن هذه الضعيفة لمن تشتكي غير الله جل جلاله؟! فلذلك: الرحمة! وينبغي على الأخيار أن يوسعوا، وأن يكونوا مثلما كان النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقف على قدميه يوم العيد لـعائشة -نبي الأمة، وإمام الرحمة- من أجل أن تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بالسلاح، فيقول: هل فرغت؟ تقول: لا بعد. يقول: هل فرغت؟ لا بعد. هل قال لها: أنا نبي الأمة.. أقف لك؟! لو أن شاباً خيراً اليوم قالت له امرأته: أريد أن تخرج بي لكي أنفس عن نفسي. لأقام الدنيا وأقعدها، أنت تتشبهين بالفاجرات! أنت كذا وأنت كذا! ونبي الأمة يقف على قدميه صلوات الله وسلامه عليه! يقود الأمة والجحافل في الجيوش والجهاد، وإذا دخل إلى بيته دخل حليماً رحيماً موطأ الكنف صلوات الله وسلامه عليه، فيأخذ بمجامع تلك القلوب ببره وإحسانه، فيأخذ القصعة من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فيقسم عليها أن تشرب قبل أن يشرب.. من يفعل هذا الفعل؟! تشرب قبل شربه، ثم إذا شربت وضع فمه حيث وضعت فمها.. من يفعل هذه الأفعال الكريمة غير الصالحين؟ وإذا لم يفعلها الصالحون فمن يفعلها؟ فالله.. الله! في حقوق النساء! في التوسعة عليهن! وإدخال السرور عليهن! نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا من الخيار للأزواج. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
إذا كانت المرأة تعمل فهل يلزمها دفع مصاريف البيت
هل على المرأة الموظفة أن تتحمل مصاريف البيت لأن زوجها يقول إذا لم تدفعي مصاريف البيت فلا عمل لك مطلقا ؟ وهل لزوجها حق في مرتبها الذي تتقاضاه مقابل عملها، وإذا كان عليها أن تتحمل مصاريف البيت فما هي النسبة بينها وبين زوجها ؟
الحمد لله
فهذه المسألة وهي مصاريف البيت بين الزوج والزوجة الذين تغربا للعمل وطلب الرزق ينبغي فيها المصالحة بينهما وعدم النزاع .
أما من حيث الواجب فهذا يختلف وفيه تفصيل :
1- إن كان الزوج قد شرط عليك أن المصاريف بينك وبينه وإلا لم يسمح لك بالعمل فالمسلمون على شروطهم يقول النبي صلى الله عليه وسلم { المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالا، أو أحل حراما} ويقول صلى الله عليه وسلم { إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج } فأنتما على شروطكما إن كان بينكما شروط .
2- أما إذا لم يكن بينكما شروط فالمصاريف كلها على الزوج، وليس على الزوجة مصاريف البيت، فهو الذي ينفق ؛ قال الله جل وعلا { لينفق ذو سعة من سعته } وقال النبي صلى الله عليه وسلم " وعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .
فالإنفاق على الزوج ، فهو الذي يقوم بحاجات البيت وشؤون البيت له ولزوجته وأولاده . ومعاشها لها وراتبها لها ؛ لأنه في مقابل عملها وتعبها ، وقد دخل على هذا ولم يشرط عليها أن المصاريف عليها أو نصفها أو نحو ذلك ، إلا إذا سمحت بشيء من الراتب عن طيب نفس قال تعالى: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا } .
أما إن كان دخل على شيء مثل ما تقدم فالمسلمون على شروطهم.
وأنا أنصحك أن تسمحي ببعض الراتب لزوجك تطيبا لنفسه وحلاً للنزاع ، وإزالة للإشكال حتى تعيشا في هدوء وراحة وطمأنينة ، فاتفقا على شيء بينكما كنصف الراتب أو ثلثه أو ربعه أو نحو ذلك حتى تزول المشاكل وحتى يحل الوئام والراحة والطمأنينة محل النزاع ، أو يسمح هو وأن يرضى بما قسمه الله له ويقوم بالنفقة حسب طاقته ويسمح عن راتبك كله ويترفع عن ذلك ، أما إذا لم يتيسر ذلك فلا مانع من التحاكم إلى المحكمة في البلد التي أنتم فيها وفيما تراه المحكمة الشرعية كفاية إن شاء الله . وفق الله الجميع.
من فتاوى الشيخ عبد العزيز ابن باز .
حكم امتناع الزوجة عن المشاركة في نفقة البيت
هل يجوز للمرأة العاملة التي تشعر أن زوجها طامع في راتبها أن تترك العمل لهذا السبب ولأنها غير راغبة في مساعدة زوجها؟ إنما تريد أن يكون راتبها لمصاريفها الخاصة(بالحلال)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى فرض على الرجال النفقة والكسوة لزوجاتهم وأولادهم القُصّر... فقال الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء:34]. وقال الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233]. ولهذا أجمع أهل العلم على وجوب النفقة على الزوج، ولكن إذا كانت الزوجة ميسورة الحال وساعدت زوجها، وقامت بما تستطيع من النفقة فلا شك أن هذا أدعى إلى الألفة ولدوام المودة. والحياة الزوجية مبناها على المودة والرحمة والتعاون، وليس للزوج أن يجبر الزوجة على دفع مصروفات البيت، ومالها ملك لها تتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، ولا يحل للزوج إلا بطيب نفسها، وقد سبق الكلام في هذا المعنى في الفتوى رقم: 483. وأما تركها للعمل لمجرد الخوف من طمع زوجها في راتبها فهذا لا ينبغي، إلا إذا كان هناك مانع شرعي، أو مشقة تحصل لها بسبب العمل. وإذا علمت الزوجة الموسرة أن عدم مساعدتها لزوجها سيؤدي إلى حدوث مشاكل، فإننا ننصحها بمساعدتها له من باب جلب المصلحة ودرء المفسدة، والله تعالى يقول: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة:237]. والله أعلم.
هل مال الزوجة من حق الزوج التصرف فيه ؟
السؤال:
لديّ صديقة قام زوجها فتزوج امرأة ثانية ، الزوجة الجديدة لديها ولد من زواج سابق ، وصديقتي هذه لديها ولدان من زوجها الحالي ، إن صديقتي هذه تستلم مبلغاً ماليّاً من الحكومة كل شهر لتغطية المصاريف الأساسية ، والزوجة الثانية كذلك ، والمشكلة الآن هي أن الزوج يطلب من الزوجة الأولى أن تحوِّل هذا المبلغ باسمه لكي يتولى هو استلامه كل شهر ، ويحتج بأن الإسلام لا يسمح للمرأة أن تأخذ مالاً من الحكومة مباشرة ، بينما لم يطلب من الزوجة الثانية هذا الطلب ، وعندما سألته الزوجة الأولى لماذا لا يطلب نفس الطلب من الزوجة الثانية قال : إنها كانت تستلم هذا المبلغ حتى قبل أن يتزوجها ، لذلك فلا يحق له أن يطالبها ، فما رأي الشرع في هذا ؟ .
الجواب :
الحمد لله
الأصل فيما تملكه الزوجة من مال أنه لها لا لزوجها ، وسواء كان هذا المال من تجارة لها ، أو من ميراث أو كان من مهرها ، أو كان من الدولة : فكل ذلك لا يجعل للزوج فيه نصيباً ، بل هو ملك لها لا يحل له منه إلا ما تبذله له عن طيب نفسٍ منها ، ولو كان الزوج يملك مال زوجته لكان ميراث الزوجة إذا ماتت جميعه يكون لزوجها ، لا يشاركه فيه أحد ، وهذا لا وجود له في شرع الله تعالى المطهَّر .
وعلى هذا ؛ فالمال الذي يأتي لتلك الزوجة إعانة لها من الدولة هو ملك خاص بها ، ولا يحل لزجها الاستيلاء عليه ، وما يقوله من أن الإسلام لا يسمح للمرأة أن تأخذ من الحكومة مباشرة لا أصل له في الشرع ، فالمرأة والرجل في ذلك سواء .
ولا يحل للزوج أن يأخذ من مال زوجته إلا ما ترضى هي به .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/ 29 ، وقال تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ) النساء/4 .
وقد سبق في جواب السؤال رقم : (3054) الأدلة من الكتاب والسنَّة وإجماع العلماء على وجوب نفقة الزوج على زوجته ، وأن ذلك بحسب وُسْعِه ومقدرته ، وأنه ليس له أن يحملها نفقة نفسها ولو كانت غنية إلا برضاها .
وانظري في مسألة راتب الزوجة جواب السؤال رقم (126316) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب